القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
142467 مشاهدة print word pdf
line-top
الابتداء بحمد الله

في بعض الروايات: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فلذلك جمع بينهما فقال:
والحمـد للـه كمــا هـدانــا
إلـى سـبيـل الحـق واجتبانــا
(الحمد): ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، هكذا يعرفه بعضهم، وقيل: (الحمد): فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد وغيره، فالحمد في الأصل هو: الثناء، ويطلق عليه حمد، جاء في الحديث: إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال الله: مجدني عبدي .
فالله تعالى محمود على كل حال، ويحمد على السراء وعلى الضراء؛ وذلك لأنه سبحانه إنما يقدر ما فيه خير ولو أنه ضار في الظاهر: كمرض، وفقر، ونحو ذلك، فيحمد على كل حال.
ولكن الناظم هنا صرح بسبب الحمد:
والحمـد للـه كمــا هـدانــا
...........................................
يعني: أننا نحمده على أمر عظيم وهو الهداية، هدانا إلى أي شيء؟ إلى سبيل الحق؛ فإنها نعمة عظيمة يعني: دلنا وأرشدنا إلى سبيل الحق، (الهداية) هي: الإيضاح للشيء والدلالة عليه، (وسبيل الحق) هو: الصراط السوي الذي ليس فيه اعوجاج ولا انحراف، (واجتبانا) يعني: اختارنا، فإنه –سبحانه- يختار من يشاء، في قوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ فإذا وفقك الله تعالى للسبيل السوي، وثبتك عليه، فأنت ممن اجتباهم، يعني اختارهم كصفوة من عباده، وذلك لأنه هدى من شاء بفضله، وأضل من شاء بعدله، فيعترف العبد بفضله عليه.
ويقول:
أحمـده سبحـانــه وأشـكـره
ومن مسـاوي عملـي أستغفــره
يعني: أجمع له بين الحمد والشكر، والحمد أسبابه أعم من أسباب الشكر؛ لأن الله تعالى يحمد على السراء وعلى الضراء، والشكر إنما يكون على السراء، ولكن قالوا: الحمد يكون باللسان، وأما الشكر فيكون باللسان وبالجنان وبالأركان؛ ولذلك يقول بعض الشعراء:
أفادتكم النعمـاء منـي ثـلاثــة
يدي ولسانـي والضمـير المحجبـا
يعني أن نعمكم علي أفادتكم ثلاثة مني: أني أشكركم بيدي، وأشكركم بلساني، وأشكركم بضميري الذي هو القلب فيكون الحمد أعم سببا، والشكر أعم متعَلقا.
(والتسبيح): التقديس، أحمده سبحانه يعني هو الْمُسَبَّحُ يعني الْمُقَدَّسَ وَالْمُنَزَّهَ.

line-bottom